وللغرة ملاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم [1] فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل . أبماذا زعمتم [2] خرف الفتنة ؟ ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [3] فهيهات فيكم ، وأنى بكم ، وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، زواجره بينة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة ، أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون ؟ ( بئس للظالمين بدلا ) [4] ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [5] ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها تشربون حسوا في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى [6] وأنتم الآن تزعمون [ أن ] لا إرث لنا ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من
[1] وأحمشكم : جعلكم تغضبون ، ومن معانيها : ساقكم بغضب . اللسان . [2] قال محقق طبعة مصر وفي المصورة : أبماذا زعمتم ، وفي المخطوطة أنازعتم . والتصويب من بلاغات النساء ص 18 . أقول : وفي المطبوعة منها ، ص 25 : إنما زعمتم خوف الفتنة وفي الشافي : إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة . [3] ما بين النجمتين اقتباس من الآية : ( 49 ) من سورة التوبة . [4] ما بين النجمتين اقتباس من الآية : ( 50 ) من سورة الكهف . [5] ما بين النجمتين اقتباس من الآية : ( 75 ) من سورة آل عمران : 3 . [6] كذا في أصلي ، وفي كتاب بلاغات النساء : تشربون حسوا وتسرون في ارتغاء . . . وفي الشافي وشرح ابن أبي الحديد : " تسرون حسوا في ارتغاء . . . " وهذا مثل يضرب لمن يظهر أمرا ويبطن غيره . والحسو - على زنة الضرب - : الشرب شيئا فشيئا . والارتغاء : شرب الرغوة وهي ما يطفو فوق اللبن من الماء المشوب به . والحز : القطع . والمدى : جمع مدية : السكين .