الحنابلة لكنهم لم ينتهوا ، فالبويهيون قبل تشيعهم كانوا سياسيين همهم السلطة ، ولذا قلدوا الأتراك في تبني لعبة الموازنة بين الشيعة ومجسمة الحنابلة ، فربما اختاروا الحياد في نزاعاتهم ، وربما رجحوا كفة الشيعة ، أو كفة الحنابلة ! * * واستمر الأمر على هذه الحال حتى جاءت ثورة السلاجقة الأتراك ، وهم بدوٌ من برِّ مدينة بخارى إلى جهة الصين ، فاحتلوا إيران والعراق ، وقضوا على بني بُويَه ، وسيطروا على الخلافة العباسية ( 447 - 581 هجرية ) وتبنوا مجسمة الحنابلة أو حزب المتوكل ، وشنوا على الشيعة موجة اضطهاد قاسية ، استباحوا فيها أحيائهم في بغداد قتلاً ونهباً وحرقاً ، خاصة منطقة الكرخ مركز ثقل الشيعة التاريخي ، وبدؤوا هجومهم بإحراق خزانة كتب الكرخ العالمية التي أسسها البويهيون ! وقتلوا الألوف المؤلفة من الشيعة ، فاضطر أكثرهم إلى الاختفاء أو الهجرة ، وكان ممن نجا منهم مرجع الشيعة الشيخ الطوسي ( قدّس سرّه ) الذي فرَّ إلى النجف الأشرف سنة 448 ، أي في السنة الثانية لاستيلاء السلاجقة ، وأسس الحوزة العلمية ورسخها ونماها ، حتى توفي سنة 460 هجرية ( رحمه الله ) . * * نشط مجسمة الحنابلة في عصر السلاجقة ، ووجدوا منهم التأييد والمساعدة في كثير من الأحيان ، لكنهم ظلوا فئة متطرفة تراوح مكانها في بغداد ، لم تستطع أن تمتد في العالم الإسلامي ، بسبب نفوذ الشيعة ، وقوة التيار السني المخالف لهم . وأخيراً انحسر دعم الأمراء السلاجقة لهم بسبب سوء تصرفهم ، فكانت حكومة بغداد تضطر أحياناً إلى تأديبهم لإرضاء العامة الشاكين من عنفهم ! وبسقوط دولة قبيلة قزل ، آخر قبيلة سلجوقية حاكمة ، وملكهم بهلوان آخر سلاطين السلاجقة ، سنة 582 هجرية ( سير أعلام النبلاء : 21 / 45 ) ، سقط معهم نجم