ولم يَزُغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تَجْبَنْ نفسك ولم تًخُرْ . كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، وكنت كما قال : أمِن الناس في صحبتك وذات يدك ، وكنت كما قال : ضعيفاً في بدنك قوياً في أمر الله ، متواضعاً في نفسك عظيماً عند الله ، كبيراً في الأرض جليلاً عند المؤمنين . لم يكن لأحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لأحد عندك هوادة ، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه ، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق ، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء ، شأنك الحق والصدق والرفق ، وقولك حكمٌ وحتم ، وأمرك حلمٌ وحزم ، ورأيك علمٌ وعزم فيما فعلت . وقد نهجت السبيل ، وسهلت العسير ، وأطفأت النيران ، واعتدل بك الدين ، وقوي بك الإسلام ، فظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، وثبَتَ بك الإسلام والمؤمنون ، وسبقت سبقاً بعيداً ، وأتعبت من بعدك تعباً شديداً ، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيتك في السماء ، وهدت مصيبتك الأنام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاه ، وسلمنا لله أمره ، فوالله لن يصابَ المسلمون بمثلك أبداً . كنت للمؤمنين كهفاً وحصناً ، وقِنَّةً راسياً ، وعلى الكافرين غلظة وغيظاً ، فألحقك الله بنبيه ، ولا أحرمنا أجرك ، ولا أضلنا بعدك . وسكت القوم حتى انقضى كلامه ، وبكى وبكى أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه آله ) ، ثم طلبوه فلم يصادفوه ) . ( الكافي : 1 / 454 ) * * رثاء صعصعة بن صوحان لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) لما ألحد أمير المؤمنين وقف صعصعة بن صوحان العبدي على القبر ، ثم قال : بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين . هنيئاً لك يا أبا الحسن ، فقد طاب مولدك