الأثرة وجزعتم فأسأتم الجزع ، والله يحكم بينكم و بينه . والله ما يلزمني في دم عثمان تهمة ، ما كنت إلا رجلاً من المسلمين المهاجرين في بيتي ، فلما قتلتموه أتيتموني تبايعوني فأبيت عليكم وأبيتم عليَّ ، فقبضت يدي فبسطتموها وبسطتها فمددتموها ، ثم تداككتم علي تداكَّ الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتى ظننت أنكم قاتليَّ ، وأن بعضكم قاتل بعض ، حتى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطئ الضعيف ، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حُمل إليها الصغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل إليها العليل ، وحسرت لها الكعاب فقالوا : بايعنا على ما بويع عليه أبو بكر وعمر ، فإنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك ، بايعنا لا نفترق ولا نختلف ! فبايعتم على كتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه آله ) دعوت الناس إلى بيعتي فمن بايعني طائعاً قبلت منه ، ومن أبي تركته ، فكان أول من بايعني طلحة والزبير فقالا : نبايعك على أنا شركاؤك في الأمر ! فقلت : لا ، ولكنكما شركائي في القوة ، وعوناي في العجز ، فبايعاني على هذا الأمر ، ولو أبيا لم أكرههما كما لم أكره غيرهما ! وكان طلحة يرجو اليمن ، والزبير يرجو العراق ، فلما علما أني غير موليهما استأذناني للعمرة يريدان الغدرة ، فأتيا عايشة واستخفاها مع كل شئ في نفسها عليَّ . . . وقادهما عبد الله بن عامر إلى البصرة ، وضمن لهما الأموال والرجال ، فبيناهما يقودانها إذ هي تقودهما ، فاتخذاها فئة يقاتلان دونها ! فأيُّ خطيئة أعظم مما أتيا ، أخرجا زوجة رسول الله ( صلى الله عليه آله ) من بيتها فكشفا عنها حجاباً ستره الله عليها ، وصانا حلائلهما في بيوتهما ، ولا أنصفا الله ولا رسوله من أنفسهما ! فمنيت بأطوع الناس في الناس عايشة بنت أبي بكر ، وبأشجع الناس الزبير وبأخصم الناس طلحة بن عبيد الله ، وأعانهم عليَّ يعلى بن منية بأصوع الدنانير ، والله لئن استقام أمري لأجعلن ماله فيئاً للمسلمين ! ثم أتوا البصرة وأهلها مجتمعون على بيعتي وطاعتي ، وبها شيعتي خزان بيت مال الله ومال المسلمين ، فدعوا الناس إلى معصيتي وإلى نقض بيعتي وطاعتي ، فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه ! فناجزهم حكيم بن جبلة فقتلوه في سبعين رجلاً