فبايعتُ مستكرهاً وصبرت محتسباً . . . فقال عبد الرحمن بن عوف : يا ابن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص ! فقلت : لست عليه حريصاً وإنما أطلب ميراث رسول الله ( صلى الله عليه آله ) وحقه وأن ولاء أمته لي من بعده وأنتم أحرص عليه مني ، إذ تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه بالسيف . اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ، ودفعوا حقي ، وصغروا قدري وعظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به منهم فاستلبونيه ، ثم قالوا إصبر مغموماً أو مت متأسفاً ! وأيم الله لو استطاعوا أين يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا ، ولكنهم لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً ! وإنما حقي على هذه الأمة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم ، فإن أحسنوا وعجلوا له حقه قبله حامداً ، وإن أخروه إلى أجله أخذه غير حامد ، وليس يعاب المرء بتأخير حقه ، إنما يعاب من أخذ ما ليس له ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه آله ) عهد إليَّ عهداً فقال : يا ابن أبي طالب لك ولاء أمتي فإن ولوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم ، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه ، فإن الله سيجعل لك مخرجاً . فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا معي مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك ، ولو كان لي بعد رسول الله ( صلى الله عليه آله ) عمي حمزة وأخي جعفر لم أبايع مكرهاً ، ولكني بليت برجلين حديثي عهد بالإسلام العباس وعقيل ، فضننت بأهل بيتي عن الهلاك ، فأغضيت عيني على القدى ، وتجرعت ريقي على الشجى ، وصبرت على أمَرِّ من العلقم ، وآلم للقلب من حزِّ الشفار . وأما أمر عثمان فكأنه علم من القرون الأولى عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ، خذله أهل بدر ، وقتله أهل مصر ، والله ما أمرت ولا نهيت ، ولو أني أمرت كنت قاتلاً ، ولو أني نهيت كنت ناصراً ، وكان الأمر لا ينفع فيه العيان ، ولا يشفى منه الخبر ، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ، ولا يستطيع من خذله أن يقول نصره من هو خير مني . وأنا جامع لكم أمره : إستأثر فأساء