الكتاب ، وأنتم شيعة النبي محمد ( صلى الله عليه آله ) كما أنه من شيعة إبراهيم . إسمٌ غير مختص ، وأمر غير مبتدع ، وسلام الله عليكم ، والله هو السلام ، المؤمِّن أولياءه من العذاب المهين ، الحاكم عليكم بعدله . أما بعد ، فإن الله تعالى بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله ) وأنتم معاشر العرب على شر حال ، يغذو أحدكم كلبه ، ويقتل ولده ! ويغير على غيره ، فيرجع وقد أغير عليه ! تأكلون العلهز والهبيد والميتة والدم ! تنيخون على أحجار خُشْن ، وأوثان مضلة ، وتأكلون الطعام الجشب ، وتشربون الماء الآجن ، تَسافكون دماءكم ، ويسبي بعضكم بعضاً ! وقد خص الله قريشاً بثلاث آيات وعمَّ العرب بآية ، فأما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله تعالى : وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . والثانية : وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . والثالثة : قول قريش لنبي الله تعالى حين دعاهم إلى الإسلام والهجرة ، فقالوا : إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ، فقال الله تعالى : أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيء رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ . وأما الآية التي عمَّ بها العرب فهي قوله تعالى : وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ . فيا لها من نعمة ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها ، ويا لها من مصيبة ما أعظمها إن لم تؤمنوا بها وترغبوا عنها . فمضى نبي الله ( صلى الله عليه آله ) وقد بلغ ما أرسل به ، فيا لها مصيبة خصت الأقربين ، وعمت المؤمنين ، لن تصابوا بمثلها ، ولن تعاينوا بعدها مثلها ! فمضى ( صلى الله عليه وآله ) لسبيله وترك كتاب الله وأهل بيته ، إمامين لا يختلفان ، وأخوين لا