( 4 ) غارة بسر بن أرطاة على المدينة ومكة واليمن وهي أشرس غارات معاوية وأكثرها فتكاً وتخريباً ونهباً وحرقاً وتقتيلاً ، فقد بلغ قتلاها ثلاثون ألفاً ! قال اليعقوبي : 2 / 197 : ( ووجه معاوية بُسر بن أبي أرطاة ، وقيل ابن أرطاة ، العامري من بني عامر بن لؤي ، في ثلاثة آلاف رجل ، فقال له : سر حتى تمر بالمدينة فاطرد أهلها ، وأخف من مررت به ، وانهب مال كل من أصبت له مالاً ممن لم يكن دخل في طاعتنا ، وأوهم أهل المدينة أنك تريد أنفسهم ، وأنه لا براءة لهم عندك ولا عذر ، وسر حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لأحد ، وأرهب الناس فيما بين مكة والمدينة ، واجعلهم شرادات ، ثم امض حتى تأتي صنعاء ، فإن لنا بها شيعة ، وقد جاءني كتابهم . فخرج بسر ، فجعل لا يمر بحي من أحياء العرب إلا فعل ما أمره معاوية ، حتى قدم المدينة ، وعليها أبو أيوب الأنصاري فتنحى عن المدينة ، ودخل بسر فصعد المنبر ثم قال : يا أهل المدينة ! مثل السوء لكم ، قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ، ألا وإن الله قد أوقع بكم هذا المثل وجعلكم أهله ، شاهت الوجوه . ثم ما زال يشتمهم حتى نزل ! قال : فانطلق جابر بن عبد الله الأنصاري إلى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه آله ) فقال : إني قد خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلال ! قالت : إذاً فبايع ، فإن التقية حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلُب ، ويحضرون الأعياد مع قومهم . وهدم بسر دوراً بالمدينة ، ثم مضى حتى أتى مكة ، ثم مضى حتى أتى اليمن ، وكان على اليمن عبيد الله بن عباس عامل علي . وبلغ علياً الخبر ، فقام خطيباً فقال : أيها الناس إن أول نقصكم ذهاب أولي النهي