وصفق عمر على يد أبي بكر ، وصفق معه أبو عبيدة بن الجراج القرشي واثنان من الأوس أحضروهما لهذا الغرض ، فاعترض سعد فعنفوه وأرادوا قتله ! فالنتيجة : أن الأنصار استسلموا لجو الإرهاب القرشي ، وبايعوا أبا بكر ! واستمر خضوعهم لقريش طيلة عهد أبي بكر وعمر وعثمان ، حتى طفح كيل عثمان ، فانضموا إلى الناقمين عليه من الأمصار ، والمطالبين بخلافة علي ( عليه السلام ) ! إن الأحداث التي جاءت بخلافة علي ( عليه السلام ) كانت استثناء في مسار الأمة الذي خضع للحزب القرشي الحاكم ! وقد وظَّف علي ( عليه السلام ) هذا الاستثناء أحسن توظيف لإعادة العهد النبوي في العدالة ، وتصحيح مسار الأمة . لكن معاوية استطاع أن يحرك الشخصيات المنافقة التي ستخسر امتيازاتها بإعادة العهد النبوي ، وفي طليعتهم الأشعث بن قيس ، رئيس قبيلة كندة اليمانية ، وصاحب النفوذ على أكثر القبائل اليمانية ! وقد خدم الأشعث معاوية خدمات كبيرة ، وأوقع بعلي ( عليه السلام ) ومشروعه أضراراً بليغة ، فقد أجبر علياً ( عليه السلام ) على إيقاف حرب صفين وهو قاب قوسين من النصر ! كما حرك الخوارج ضد علي ( عليه السلام ) ، وخذَّل الناس عن الاستجابة له لحرب صفين الثانية ! ولذلك قال معاوية : ( حاربت علياً بعد صفين بغير جيش ولا عناء ) ! ! قال البلاذري في أنساب الأشراف ص 383 : ( قالوا وخطبهم بعد ذلك خطباً كثيرة وناجاهم وناداهم فلم يربعوا إلى دعوته ، ولا التفتوا إلى شئ من قوله ! وكان يقول لهم كثيراً : إنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا . وقام أبو أيوب الأنصاري وذلك قبل تولية علي إياه المدينة بيسير فقال : إن أمير المؤمنين قد أسمع من كانت له أذنان وقلب حفيظ ، إن الله قد أكرمكم به كرامة بينة فاقبلوها حق قبولها ، إنه أنزل ابن عم نبيكم بين ظهرانيكم يفقهكم ويرشدكم ، ويدعوكم إلى ما فيه الحظ لكم . . . ) .