تعبت الأمة من العمل مع علي ( عليه السلام ) لإعادة العهد النبوي ! في السنة التاسعة والثلاثين للهجرة كان علي ( عليه السلام ) قد ذرَّف على الستين من عمره الشريف ، وأمضى أكثر من نصف قرن في الجهاد منذ بعثة النبي ( صلى الله عليه آله ) ! والذي يقرأ الخط البياني لشخصيتة ( عليه السلام ) يتعجب من عظمة هذه النفس الكبيرة وثبات حيويتها في جميع فصول حياته الحافلة بالتغيرات ! إن علياً ( عليه السلام ) إنسان من نوع آخر ، لا يتعامل مع الأشياء من أفُق حاجاته ، ولا من أفُق الأرض وحطامها ! بل من أفُقِه الشامل للدنيا والآخرة ، المشرف على الدنيا من أعلى ! أرأيت كيف كان رسول الله ( صلى الله عليه آله ) أكبر من الدنيا ، فكذلك علي ( عليه السلام ) ؟ ! لهذا لا فرق في حيوية عليٌ وزخمه الفكري والروحي والعملي ، وهو محاصر في شعب أبي طالب يحرس النبي ( صلى الله عليه آله ) ليل نهار من شياطين قريش . . وحيويته وهو يقطف النصر للإسلام في بدر وأحد وخيبر وحنين ، ويهزم قريشاً ويهود وهوازن ! ولا فرق في حالته وقد هاجمت قريش بيته وأجبرته على بيعة صاحبها ! وحالته وقد جاءته الأمة بعد مقتل عثمان معتذرة إليه ، راجيةً أن يقبل خلافتها ! ولا فرق بين عليٍّ الذي تحزبت عليه قريش وأشعلت الحرب لإسقاط نظامه ، فلم يستطع أن يجند في حرب الجمل إلا اثني عشر ألفاً ، مقابل مئة وعشرين ألف مقاتل مجهز مع طلحة والزبير وعائشة . . وبين عليٍّ الذي اكتسح في اليوم السابع لحرب الجمل جيش عائشة في موجات متتالية قادَ فيها مجموعة فرسان