يشهدها فرقة حتى أكلم كلاً بكلامه . ونادى الناس فقال : أمسكوا عن الكلام وأنصتوا لقولي وأقبلوا بأفئدتكم إليَّ ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها . ثم كلمهم ( عليه السلام ) بكلام طويل ، منه : ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة ، ومكراً وخديعة : إخواننا وأهل دعوتنا ، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه ، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم ، فقلت لكم : هذا أمر ظاهره إيمان وباطنه عدوان وأوله رحمة وآخره ندامة ، فأقيموا على شأنكم ، والزموا طريقتكم ، وعضوا على الجهاد بنواجذكم ، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق : إن أجيب أضل ، وإن ترك ذل . وقد كانت هذه الفعلة وقد رأيتكم أعطيتموها ! والله لئن أبيتها ما وجبت علي فريضتها ولا حملني الله ذنبها ، ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع ، وإن الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته ! فلقد كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه آله ) وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والإخوان والقرابات ، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيماناً ومضياً على الحق ، وتسليماً للأمر ، وصبراً على مضض الجراح . ولكنا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة والتأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمُّ الله بها شعثنا ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا ، رغبنا فيها وأمسكنا عما سواها ) . انتهى . * * وفيما يلي فقرات من تاريخ الطبري : 4 / 54 ، في تحركاتهم إلى معركة النهروان : ( لما بعث أبا موسى لإنفاد الحكومة لقيت الخوارج بعضها بعضاً فاجتمعوا في منزل عبد الله بن وهب الراسبي ، فحمد الله عبد الله بن وهب وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فوالله ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينيبون إلى حكم القرآن ، أن يكون هذه الدنيا التي الرضا بها والركون بها والإيثار إياها عناء وتبار ، آثر عندهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بالحق . وإن من وضَرَ فإنه في يُمْن ويُضَرُّ في هذه الدنيا ، فإن ثوابه يوم القيامة رضوان الله عز وجل والخلود