فيولوا منهم من أحبوا عليهم ، وإني قد خلعت علياً ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً ! ثم تنحى . وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه وقال : إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية ! فإنه وليُّ عثمان بن عفان والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه . فقال أبو موسى : مالك لا وفقك الله غدرتَ وفجرتَ ؟ ! إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ! قال عمرو : إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً ! وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط ! وحمل على شريح ابن عمرو فضربه بالسوط ! وقام الناس فحجزوا بينهم ، وكان شريح بعد ذلك يقول ما ندمت على شئ ندامتي على ضرب عمرو بالسوط ، ألا أكون ضربته بالسيف آتياً به الدهر ما أتى ) . انتهى . * * ومن الطبيعي أن أحداً من المسلمين لم يقبل نتيجة هذه المهزلة التي دبرها معاوية وابن العاص في دومة الجندل ، فكانت نتيجتها أن المسلمون تمسكوا بخلافة علي ( عليه السلام ) ، لكن معاوية اعتبر ا لنتيجة شرعية وأن الحكمين حكما بكتاب الله تعالى ، وبدأ بأخذ البيعة لنفسه بالخلافة وإمرة المؤمنين من أهل الشام ! * * أما انعكاس محكمة دومة الجندل في أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكان إدانةً غاضبةً لأبي موسى وعمرو العاص ، وتمسكاً بخلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وتجديداً لبيعته ، وقد اسثمر ذلك ( عليه السلام ) في دعوتهم إلى الاستعداد لحرب معاوية ، وتحرك بالفعل إلى معسكر الكوفة بالنخيلة ، وبدأت استجابة الناس وتجمعهم في النخيلة . قال ( عليه السلام ) في خطبته بعد التحكيم : كما في نهج البلاغة : 1 / 84 :