معاوية والروم في حرب صفين ! كان النبي ( صلى الله عليه آله ) يدعو الناس في مكة إلى الإسلام ويخبرهم بأن الله تعالى وعده أن يورِّث أمته ملك كسرى وقيصر ! فكل من قرأ سيرته ( صلى الله عليه آله ) يجد أن فتح فارس والروم كانا وعداً نبوياً من أول إعلان الدعوة ، وكان المشركون يسخرون من ذلك ! واستمر هذا الوعد عنصراً ثابتاً في مراحل دعوته ( صلى الله عليه آله ) ، فكان برنامجاً إلزامياً للسلطة الجديدة بعد وفاته ( صلى الله عليه آله ) ، أيّاً كانت تلك السلطة . * * وفي رأيي أن السلطة بعد النبي ( صلى الله عليه آله ) خافت من حرب مسيلمة التي يسمونها حروب الردة ، كما خافت من التوجه إلى فتح بلاد فارس والشام ، وأن الفضل في دفعها إلى الفتوحات يعود إلى علي ( عليه السلام ) وتلاميذه الفرسان ، الذين لم تعطهم السلطة مناصب قيادية ، لكنهم كانوا القادة الميدانيين الذين حققوا الانتصارات ! وكان بقية هؤلاء القادة مع علي ( عليه السلام ) في صفين ، وهم كثرٌ منهم الأشتر بطل معركة اليرموك الذي برز إلى فارس الروم وقتله ، فغيَّر ميزان المعركة ! وهاشم المرقال الذي أبلى فيها بلاء مميزاً . . . الخ . ! وأشرنا إلى ذلك في آخر الفصل الثاني . * * وفي السنة السابعة والثلاثين للهجرة وهي سنة صفين ، كان الفُرْس قد يئسوا من العراق وقسم من إيران ، وكان المسلمون يواصلون فتح بقية إيران وما وراءها في حالة كرٍّ وفرٍّ مع الفرس . فوجَّه عليٌّ ( عليه السلام ) بعد حرب البصرة ابن أخته جعدة بن هبيرة ، وكان فارساً بطلاً ، وقد تقدم ذكر فتحه لبقية خراسان وما وراءها . كما كانت الشام وفلسطين ومصر استقرت في حكم المسلمين ، وقد يئس منها الروم ، لكن عاصمتهم القسطنطينية ( استانبول ) كانت قوية ، وكان أكثر تركيا