فقال أبو نوح : يا ذا الكلاع ! إنه ليس في هذين الجمعين أحد أولى بنصيحتك مني ، إن معاوية بن أبي سفيان أخطأ وأخطأتم معه في خصال كثيرة ، لخطأة واحدة إنه من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ، فأخطأ بادعائه إياها وأخطأتم باتباعه . وأخطأ في الطلب بدم عثمان وأخطأتم معه ، لأن غيره أولى بطلب دم عثمان منه . وأخطأ أنه رمى علياً بدم عثمان وأخطأتم بتصديقكم إياه ونصركم له وهذا أمر قد شهدناه وغبتم عنه ، فاتق الله ويحك يا ذا الكلاع ، فإن عثمان بن عفان أتيح له قوم فقتلوه بدعوى ادعوا عليه ، والله الحاكم في ذلك يوم القيامة ، وقد بايعت الناس علياً برضاء منه ومنهم ، لأنه لم يك للناس بدٌّ من إمام يقوم بأمرهم ، وليس لأهل الشام مع المهاجرين والأنصار أمر . فإن قلت : إن علياً ليس بخير من معاوية ولا بأحق منه بهذا الأمر ، فهات رجلاً من قريش ممن ترضى دينه حتى يعدل بينهم في شئ من الدين والشرف والسابقة في الإسلام . فقال له ذو الكلاع : إنني قد سمعت كلامك أبا نوح ولم يخف علي منه شئ ، ولكن هل فيكم عمار بن ياسر ؟ فقال أبو نوح : نعم هو فينا ، قال : فهل يتهيأ لك أن تجمع بينه وبين عمرو بن العاص فيتكلمان وأنا أسمع ؟ فقال أبو نوح : نعم ، ثم ولى إلى عسكره ، فصار إلى عمار وطلب إليه وسأله أن يلقى عمرو بن العاص . قال : فخرج عمار في ثلاثين رجلاً من المهاجرين والأنصار ليس فيهم رجل إلا وقد شهد بدراً مع رسول الله ( ص ) غير رجلين : عمرو بن الحمق الخزاعي ، ومالك بن الحارث الأشتر . ( وهذا دليل على أن الأشتر صحابي ) . قال : وقام الصباح الحميري إلى معاوية ، فقال له : إني أرى لك أن لا تأذن لذي الكلاع أن يلقى أبا نوح فإنه قد طمع فيه ، وأخاف أن يشككه في دينه ! فقال معاوية : إني قد نهيته فلم ينته عن ذلك ، وهو رجل من سادات حمير ، وأنا أرجو