مراسيم عيَّن بموجبها حكاماً لآذربيجان ، ومصر ، واليمن ، والمدينة ، ومكة ، والبصرة ، وفتوح خراسان ، والبحرين ، وفتوح الهند ، ومناطق أخرى من بلاد الدولة الإسلامية ، فلم يكن خارجاً عن سلطته إلا منطقة الشام . وعلى صعيد منع الفساد الإداري ورقابة حكام الولايات : كان يتابع عماله ويراسلهم باستمرار ، وأسس جهاز المراقبين ، وطبَّقه بحزم على العمال ، وعزل بعضهم كالأشعث بن قيس عن آذربيجان ، وعاقب حاكم الأهواز وفضحه ! وأمر مالك الأشتر عندما ولاه مصر أن يشكل هذا الجهاز لمراقبة حكام المحافظات ، فكتب له : ( ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً ، ولا تولهم محاباة وأثرة ، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة ، وتوخَّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة ، والقدم في الإسلام المتقدمة ، فإنهم أكرم أخلاقاً وأصح أعراضاً ، وأقل في المطامع إشرافاً ، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً . ثم أسبغ عليهم الأرزاق ، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم ، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك . ثم تفقد أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم ، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية . وتحفَّظ من الأعوان ، فإن أحدٌ منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة في بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثم نصبته بمقام المذلة ، ووسمته بالخيانة وقلدته عار التهمة ) . ( نهج البلاغة : 3 / 95 ) . ووضع لنفسه ولحكام ولاياته برنامج سلوك ، كشفت عنه رسالته إلى حاكم البصرة عثمان بن حنيف ، عندما بلغه أنه دُعِيَ إلى وليمة رجل ثري فأجاب ، فكتب إليه : ( أما بعد يا ابن حنيف ، فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك