علي ( عليه السلام ) يعيد العهد النبوي في احترام حقوق الإنسان ! لا إجبار عند عليٍّ على بيعة ، ولا حطبٌ عنده ، ولا حرقُ بيوت ! فواجبه الأول هو إعادة الإرادة الحرة للإنسان المسلم ، التي صادرها زعماء قريش بمجرد أن أغمض النبي ( صلى الله عليه آله ) عينيه ! وكيف يجبر عليٌّ أحداً على بيعته ، وهو الإنسان الصافي الإنسانية ، أباً عن جد من أبي طالب إلى إبراهيم ، والى آدم ( عليهم السلام ) ، والمؤمن بمحمد ( صلى الله عليه آله ) وما أنزل عليه والمستوعب لقضية الإنسان وحقوقه المقدسة في شريعة الإسلام . كيف يجبر أحداً على بيعته وهو التقي الذي يخاف من معصية ربه في نملة يسلبها جلب شعير ، فكيف بالتعدي على حق إنسان له كرامته وحرمته عند الله ؟ ! وهو الصادق عندما قصَّ للمسلمين على المنبر قصة الأشعث زعيم كندة ، الذي أراد أن يرشيه ليوليه على منطقة من مناطق المسلمين ، فوسط له الوسطاء ، وتملق إليه بالكلام ، وجاءه بطبق حلوى ! قال ( عليه السلام ) : ( وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ، ومعجونة شنئتها ، كأنما عجنت بريق حية أوقيئها ( يقصد قطر السكَّر فيها ) ، فقلت أصلةٌ أم زكاةٌ أم صدقة ، فذلك محرم علينا أهل البيت . فقال : لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية . فقلت : هبلتك الهبول ، أعن دين الله أتيتني لتخدعني ، أمختبط أنت أم ذو جنة أم تهجر ! والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ! ما لعليٍّ ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى ) ! ( نهج البلاغة : 2 / 18 ) لقد كان علي ( عليه السلام ) الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحداً على بيعته ، ففضح بذلك اضطهاد مَن قبله ومَن بعده للمسلمين ، ومصادرتهم لحرياتهم !