1 - قانون : اقتران كل نبوة بأئمة مضلين ! ومنطق هذا القانون : أن المطلوب في حياة الإنسان على الأرض أن تبقى قدرته على الاهتداء وقدرته على الضلال متساويتين ، فبذلك وحده يتحقق اختياره للهداية بإرادته الحرة ، فيستحق الجزاء الإلهي والجنة ، ويتحقق اختياره للضلال بإرادته الحرة ، فيستحق النار . وقد رتَّب الله تعالى تكوين الإنسان وظروف حياته على الأرض على هذا التساوي ، فألهمه الفجور ، وألهمه التقوى ، وهداه النجدين ، وجعل للشيطان منفذاً إلى نفسه ، وجعل سيئته بواحدة وحسنته بعشرة . . الخ . ولما كانت النبوة دفعةَ هداية قوية ، كان لا بد أن يرافقها وجود مضلين مع النبي ، ليبقى التعادل ويحتاج المهتدون إلى بذل جهد فكري وعملي في مقاومة الفتنة ، والثبات على الهدى . وقد نصت آيات كثيرة على هذا القانون بالعموم ونصت عليه آيتان بخصوصه : فالآية الأولى ، قررت ضرورة وجود عوامل ضلال مع كل نبوة : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عدواً شَيَاطِينَ الآنْسِ وَالْجِنِّ ) . ( الأنعام : 112 - 113 ) . ومعناها أن فعالية شياطين الإنس والجن في الوسوسة عند هداية كل نبي ، إنما هي عوامل ضلال ضرورية يجب أن تبقى فاعلة ! والآية الثانية ، صورةٌ صارخةٌ لصحابيين للرسول ( صلى الله عليه آله ) ، أحدهما كافرٌ يخطط لإضلال الناس ، والثاني مطيعٌ له يدفعه صاحبه إلى معصية الرسول ( صلى الله عليه آله ) وهَجْر القرآن ، فيَضلاَّن ويُضلاَّن الناس ! ويوم القيامة يعضُّ الظالم الأصلي منهما يديه ندماً لإطاعته لصاحبه ! أما الآخر فمصيبته أعظم من أن يعضَّ على يديه ، لأنه لم يكن مع الرسول ( صلى الله عليه آله ) ولا لحظة ! بل كان مجرماً كامناً للإسلام ورسوله ( صلى الله عليه آله ) !