نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 81
صدني فلان ، وإن لم يقع قيام ولا قصد . وهذا هو الذي يشبه الآية دون ما ذكروه من المثال . وبعد ، فإن في الكلام شرطا وهو قوله تعالى : ( لولا أن رأى برهان ربه ) ، فكيف يحمل على الإطلاق مع حصول الشرط ؟ فليس لهم أن يجعلوا جواب لولا محذوفا ، لأن جعل جوابها موجودا أولى . وليس تقديم جواب لولا بأبعد من حذفه جملة من الكلام . وإذا جاز عندهم الحذف لئلا يلزم تقديم الجواب جاز لغيرهم تقديم الجواب حتى لئن لا يلزم الحذف . فإن قيل : فما البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام حتى انصرف لأجله عن المعصية ، وهل يصح أن يكون البرهان ما روي من أن الله تعالى أراه صورة أبيه يعقوب ( ع ) عاضا على إصبعه متوعدا له على مقاربة المعصية ، أو يكون ما روي من أن الملائكة نادته بالنهي والزجر في الحال فانزجر . قلنا : ليس يجوز أن يكون البرهان الذي رآه فانزجر به عن المعصية ما ظنه العامة من الأمرين اللذين ذكرناهما ، لأن ذلك يفضي إلى الالجاء وينافي التكليف ويضاد المحنة ، ولو كان الأمر على ما ظنوه لما كان يوسف عليه السلام يستحق بتنزيهه عما دعته إليه المرأة من المعصية مدحا ولا ثوابا ، وهذا من أقبح القول فيه ( ع ) ، لأن الله تعالى قد مدحه بالامتناع عن المعصية وأثنى عليه بذلك فقال تعالى : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) ، فأما البرهان ، فيحتمل أن يكون لطفا لطف الله تعالى به في تلك الحال أو قبلها ، فاختار عنده الامتناع من المعاصي والتنزه عنها ، وهو الذي يقتضي كونه معصوما لأن العصمة هي ما اختير ( ما اختار ) عنده من الألطاف ، التنزه عن القيح والامتناع من فعله . ويجوز أن يكون معنى الرؤية ههنا بمعنى العلم ، كما يجوز أن يكون بمعنى الادراك ، لأن كلا الوجهين يحتمله القول .
81
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 81