نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 77
قلنا : ليس الأمر على ما ظنه هذا السائل ، لأن الهم في هذه الآية متعلق بما لا يصح أن يتعلق به العزم والإرادة على الحقيقة ، لأنه تعالى قال : ( ولقد همت به وهم بها ) فتعلق الهم في ظاهر الكلام بذواتهما ، والذات الموجودة الباقية لا يصح أن تراد ويعزم عليها ، فلا بد من تقدير أمر محذوف يتعلق العزم به مما يرجع إليهما ويختصان به ورجوع الضرب والدفع إليهما كرجوع ركوب الفاحشة فلا ظاهر للكلام يقتضي خلاف ما ذكرناه ، ألا ترى أن القائل إذا قال : قد هممت بفلان فظاهر الكلام يقتضي تعلق عزمه وهمه إلى أمر يرجع إلى فلان ، وليس بعض الأفعال بذلك أولى من بعض ، فقد يجوز أن يريد أنه هم بقصده أو بإكرامه أو بإهانته أو غير ذلك من ضروب الأفعال ، على أنه لو كان للكلام ظاهر يقتضي خلاف ما ذكرناه ، وإن كنا قد بينا أن الأمر بخلاف ذلك لجاز أن نعدل عنه ونحمله على خلاف الظاهر ، للدليل العقلي الدال على تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن القبائح . فإن قيل : الكلام في قوله تعالى : ( ولقد همت به وهم بها ) خرج مخرجا واحدا . فلم جعلتم همها به متعلقا بالقبح ؟ وهمه بها متعلقا بالضرب والدفع على ما ذكرتم ؟ قلنا : أما الظاهر ، فلا يدل الأمر الذي تعلق به الهم والعزم منهما جميعا ، وإنما أثبتنا همها به متعلقا بالقبيح لشهادة الكتاب ، والآثار بذلك . وهى ممن يجوز عليها فعل القبيح ، ولم يؤمن دليل ذلك من جوازه عليها كما أمن ذلك فيه ( ع ) ، والموضع إلى يشهد بذلك من الكتاب قوله تعالى : ( وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين ) [1] وقوله تعالى : ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ) ( 1 ) وقوله تعالى حاكيا عنها ( الآن حصحص الحق أنا راودته عن