نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 54
سعيا } . فدل ذلك على أن الدعاء توجه إليهن وهن أجزاء متفرقة . قلنا ليس الأمر على ما ذكر في السؤال ، لأن قوله : { ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا } لا بد من تقدير محذوف بعده ، وهو : ( فإن الله يؤلفهن ويحييهن ثم أدعهن يأتينك سعيا } . ولا بد لمن حمل الدعاء لهن في حال التفرق وانتفاء الحياة من تقدير محذوف في الكلام عقيب قوله : { ثم أدعهن } لأنا نعلم أن تلك الأجزاء والأعضاء لا تأتي عقيب الدعاء بلا فصل ، ولا بد من أن يقدر في الكلام عقيب قوله ثم أدعهن ، فإن الله تعالى يؤلفهن ويحييهن فيأتينك سعيا . فأما أبو مسلم الأصفهاني فإنه فرارا من هذا السؤال حمل الكلام على وجه ظاهر الفساد . لأنه قال إن الله تعالى أمر إبراهيم ( ع ) بأن يأخذ أربعة من الطيور ، ويجعل على كل جبل طيرا ، وعبر بالجزء عن الواحد من الأربعة ، ثم أمره بأن يدعوهن وهن أحياء من غير إماتة تقدمت ولا تفرق من الأعضاء ، ويمرنهن على الاستجابة لدعائه ، والمجئ إليه في كل وقت يدعوها فيه . ونبه ذلك على أنه تعالى إذا أراد إحياء الموتى وحشرهم أتوه من الجهات كلها مستجيبين غير ممتنعين كما تأتي هذه الطيور بالتمرين والتعويد . وهذا الجواب ليس بشئ لأن إبراهيم عليه السلام إنما سأل الله أن يريه كيف يحيي الموتى ، وليس في مجئ الطيور وهن أحياء بالعادة والتمرين ، دلالة على ما سئل عنه ولا حجة فيه . وإنما يكون في ذلك بيانا لمسألته إذا كان على الوجه الذي ذكرناه . فإن قيل إذا كان إنما أمره بدعائهن بعد حال التأليف والحياة ، فأي فايدة في الدعاء وهو قد علم لما رآها تتألف أعضاءها من بعد وتتركب أنها قد عادت إلى حال الحياة ؟ فلا معنى في الدعاء إلا أن يكون متناولا لها وهي متفرقة . قلنا للدعاء فائدة بينة ، لأنه لا يتحقق من بعد رجوع الحياة إلى الطيور وإن شاهدها متألفة ، وإنما يتحقق ذلك بأن تسعى إليه وتقرب منه .
54
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 54