نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 53
أراد : قطعهم . والأصل صرى يصري صريا ، من قولهم يأت يصري في حوضه إذا استسقى ثم قطع ، والأصل صرى ، فقدمت اللام وأخرت العين . هذا قول الكوفيين ، وأما البصريون فإنهم يقولون إن صار يصير ، ويصور بمعنى واحد ، أي قطع . ويستشهدون بالأبيات التي تقدمت ، وبقول الخنساء : " فظلت الشم منها وهي تنصار " وعلى هذا الوجه لا بد في الكلام من تقديم وتأخير ، ويكون التقدير : فخذ أربعة من الطير إليك فصرهن أي قطعهن . فإليك من صلة خذلان التقطيع لا يعدى بإلى . فإن قيل فما معنى قوله تعالى : ( ثم أدعهن يأتينك سعيا ) وهل أمره بدعائهن وهن أحياء أو أموات ؟ وعلى كل حال فدعاؤهن قبيح ، لأن أمر البهائم التي لا تعقل ولا تفهم قبيح . وكذلك أمرهن وهن أعضاء متفرقة أظهر في القبح . قلنا لم يرد ذلك إلا حال الحياة دون التفرق والتمزق . فأراد بالدعاء الإشارة إلى تلك الطيور . فإن الانسان قد يشير إلى البهيمة بالمجئ أو الذهاب فتفهم عنه . ويجوز أن يسمي ذلك دعاء . إما على الحقيقة أو على المجاز . وقد قال أبو جعفر الطبري أن ذلك ليس بأمر ولا دعاء ، ولكنه عبارة عن تكوين الشئ ووجوده ، كما قال تعالى في الذين مسخهم : ( كونوا قردة خاسئين ) [1] وإنما أخبر عن تكوينهم كذلك من غير أمر ولاء دعاء ، فيكون المعنى على هذا التأويل . ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ، فإن الله تعالى يؤلف تلك الأجزاء ويعيد الحياة فيها ، فيأتينك سعيا ، وهذا وجه قريب فإن قيل على الوجه الأول : كيف يصح أن يدعوها وهي أحياء ؟ وظاهر الآية يشهد بخلاف ذلك ، لأنه تعالى قال : ( ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ) . وقال عقيب هذا الكلام من غير فصل : ( ثم أدعهن يأتينك