نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 46
النجوم ليعرف منها قرب نوبة علته فقال : إني سقيم . وأراد أنه قد حضر وقت العلة وزمان نوبتها وشارف الدخول فيها . وقد تسمي العرب المشارف للشئ باسم الداخل فيه ، ولهذا يقولون فيمن أدنفه المرض وخيف عليه الموت هو ميت . وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) [1] فإن قيل : فلو أراد ما ذكرتموه لقال : فنظر نظرة إلى النجوم ولم يقل في النجوم ، لأن لفظة في لا تستعمل إلا فيمن ينظر كما ينظر المنجم . قلنا ليس يمتنع أن يريد بقوله في النجوم ، أنه نظر إليها لأن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ، قال الله تعالى : ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) [2] وإنما أراد على جذوعها ، وقال الشاعر : إسهري ما سهرت أم حكيم * واقعدي مرة لذاك وقومي وافتحي الباب وانظري في النجوم * كم علينا من قطع ليل بهيم وإنما أراد انظري إليها لتعرفي الوقت . ( ومنها ) : أنه يجوز أن يكون الله تعالى أعلمه بالوحي أنه سيمتحنه بالمرض في وقت مستقبل ، وإن لم يكن قد جرت بذلك المرض عادته ، وجعل تعالى العلامة على ذلك ظاهرة له من قبل النجوم ، إما بطلوع نجم على وجه مخصوص أو أفول نجم على وجه مخصوص أو اقترانه بآخر على وجه مخصوص . فلما نظر إبراهيم في الأمارة التي نصبت له من النجوم قال إني سقيم ، تصديقا بما أخبره الله تعالى . ( ومنها ) : ما قال قوم في ذلك من أن كان آخر أمره الموت فهو سقيم ، وهذا حسن ، لأن تشبيه الحياة المفضية إلى الموت بالسقم من أحسن التشبيه .