نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 25
ندب إليه ، فقد خاب لا محالة ، من حيث أنه لم يصر إلى الثواب الذي كان يستحق بالامتناع ، ولا شبهة في أن لفظ غوى يحتمل الخيبة . قال الشاعر : فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما فإن قيل : كيف يجوز أن يكون ترك الندب معصية ؟ أوليس هذا يوجب أن توصف الأنبياء ( ع ) بأنهم عصاة في كل حال ، وأنهم لا ينفكون من المعصية لأنهم لا يكادون ينفكون من ترك الندب ؟ قلنا : وصف تارك الندب بأنه عاص توسع وتجوز والمجاز لا يقاس عليه ولا يعدى به عن موضعه . ولو قيل إنه حقيقة في فاعل القبيح وتارك الأولى والأفضل ، ولم يجز إطلاقه أيضا في الأنبياء ( ع ) إلا مع التقييد لأن استعماله قد كثر في القبائح ، فإطلاقه بغير تقييد موهم ، لكنا نقول : إن أردت بوصفهم بأنهم عصاة أنهم فعلوا القبايح فلا يجوز ذلك ، وإن أردت أنهم تركوا ما لو فعلوه استحقوا الثواب وكان أولى فهم كذلك . فإن قيل : فأي معنى لقوله تعالى : ( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) [1] وأي معنى لقوله تعالى : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ) [2] فكيف تقبل توبة من لم يذنب ؟ أم كيف يتوب من لم يفعل القبيح ؟ قلنا : أما التوبة في اللغة : الرجوع ، ويستعمل في واحد منا وفي القديم تعالى . والثاني أن التوبة عندنا وعلى أصولنا فغير موجبة لا سقاط العقاب ، وإنما يسقط الله تعالى العقاب عندها تفضلا ، والذي توجبه التوبة وتؤثره هو استحقاق الثواب ، فقبولها على هذا الوجه إنما هو ضمان الثواب عليها . فمعنى قوله تعالى : ( تاب عليه ) أنه قبل توبته وضمن له ثوابها ،