نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 160
باله يعاتب وقد فعل ما أداه إليه الاجتهاد والمشاورة ، وأي لوم على من فعل الواجب ولم يخرج عنه ، وهذا يدل على أن من أضاف إليه المعصية قد ضل عن وجه الصواب . تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في امر المتخلفين : ( مسألة ) : فإن قيل فما وجه قوله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وآله لما استأذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد فأذن لهم : ( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) [1] أوليس العفو لا يكون الا عن الذنب ؟ وقوله ( لم اذنت ) ظاهر في العتاب لأنه من أخص ألفاظ العتاب ؟ . ( الجواب ) : قلنا أما قوله تعالى ( عفى الله عنك ) فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب ، ولا يمتنع ان يكون المقصود به التعظيم والملاطفة في المخاطبة . لان أحدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه : أرأيت رحمك الله وغفر الله لك . وهو لا يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه ، بل ربما لم يخطر بباله ان له ذنبا . وانما الغرض الاجمالي في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره . وأما قوله تعالى : ( لم أذنت لهم ) فظاهره الاستفهام والمراد به التقريع واستخراج ذكر علة اذنه ، وليس بواجب حمل ذلك على العتاب ، لان أحدنا قد يقول لغيره ، لم فعلت كذا وكذا . تارة معاتبا وأخرى مستفهما ، وتارة مقررا . فليس هذه اللفظة خاصة للعتاب والانكار . وأكثر ما يقتضيه وغاية ما يمكن ان يدعى فيها أن تكون دالة على أنه صلى الله عليه وآله ترك الأولى والأفضل ، وقد بينا ان ترك الأولى ليس بذنب ، وإن كان الثواب ينقص معه . فإن الأنبياء عليهم السلام يجوز ان يتركوا كثيرا من النوافل . وقد يقول