نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 148
فإن قيل : فما وجه تسمية الغيب بأنه نفس ؟ . قلنا : لا يمتنع أن يكون الوجه في ذلك أن نفس الانسان لما كانت خفية الموضع الذي يودعه سرها ، أنزل ما يكتمه ويجهد في سره منزلتها فقيل فيه أنه نفس مبالغة في وصفه بالكتمان والخفاء . وإنما حسن أن يقول مخبرا عن نبيه ( ع ) ( ولا أعلم ما في نفسك ) من حيث تقدم قوله ( تعلم ما في نفسي ) ليزدوج الكلام . فلهذا لا يحسن ابتداء أن يقول أنا لا أعلم ما في نفس الله تعالى ، وإن حسن على الوجه الأول . ولهذا نظائر في الكلام مشهورة . حول تفويضه الأمر لله تعالى : ( مسألة ) : فإن قيل فما معنى قوله تعالى حاكيا عن عيسى ( ع ) : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) [1] وكيف يجوز هذا المعنى مع علمه ( ع ) بأنه تعالى لا يغفر للكفار ؟ . ( الجواب ) : قلنا : المعنى بهذا الكلام تفويض الأمر إلى مالكه وتسليمه إلى مديره ، والتبري من أن يكون إليه شئ من أمور قومه . وعلى هذا يقول أحدنا إذا أراد أن يتبرأ من تدبير أمر من الأمور ويسلم منه ويفوض أمره إلى غيره ، يقول : هذا الأمر لا مدخل لي فيه فإن شئت أن تفعله ، وإن شئت أن تتركه ، مع علمه وقطعه على أن أحد الأمرين لا بد أن يكون منه . وإنما حسن منه ذلك لما أخرج كلامه مخرج التفويض والتسليم . وقد روي عن الحسن أنه قال : معنى الآية إن تعذبهم فبإقامتهم على كفرهم ، وإن تغفر لهم فبتوبة كانت منهم . فكأنه اشترط التوبة وإن لم يكن الشرط ظاهرا في الكلام .