نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 114
وجواب آخر في الآية : وهو أن يكون موسى عليه السلام إنما سأل ربه تعالى أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي يضطر عندها إلى المعرفة ، فتزول عنه الخواطر ومنازعة الشكوك والشبهات ، ويستغني عن الاستدلال ، فتخف المحنة . عنه بذلك ، كما سأل إبراهيم عليه السلام ربه تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى طلبا لتخفيف المحنة ، وإن كان قد عرف ذلك قبل أن يراه . والسؤال وإن وقع بلفظ الرؤية فإن الرؤية تفيد العلم كما تفيد الادراك بالبصر . قال الشاعر : رأيت الله إذا سمى نزارا * واسكنهم بمكة قاطنينا واحتمال الرؤية للعلم أظهر من أن يدل عليه لاشتهاره ووضوحه . فقال الله تعالى لن تراني أي لم تعلمني على هذا الوجه الذي التمسته ، ثم أكد ذلك بأن أظهر في الجبل من الآيات والعجائب ما دل به على أن المعرفة الضرورية في الدنيا مع التكليف وبيانه لا يجوز ، فإن الحكمة تمنع منها ، والوجه الأول أولى لما ذكرناه متقدما من الوجوه ، لأن موسى ( ع ) لا يخلو من أن يكون شاكا في أن المعرفة الضرورية لا يصح حصولها في الدنيا أو غير شاك ، فإن كان شاكا فالشك فيما يرجع إلى أصول الديانات وقواعد التكليف لا يجوز على الأنبياء ( ع ) ، لا سيما وقد يجوز أن يعلم ذلك على حقيقته بعض أمتهم فيزيد عليهم في المعرفة ، وهذا أبلغ في التنفير عنهم من كل شئ يمنع منهم ، وإن كان موسى عليه السلام عالما بذلك وغير شاك فيه ، فلا وجه لسؤاله إلا أن يقال إنه سأل لقومه ، فيعود إلى معنى الجواب الأول . فقد حكي جواب ثالث في هذه الآية عن بعض من تكلم في تأويلها من أهل التوجيه ، وهو أنه قال : يجوز أن يكون موسى عليه السلام في وقته مسألته ذلك كان شاكا في جواز الرؤية عليه تعالى ، فسأل عن ذلك ليعلم هل يجوز عليه أم لا ، قال : وليس شكه في ذلك بمانع أن يعرف الله تعالى بصفاته ،
114
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 114