نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 113
فإن قلتم يحمل ذكر النظر على أن المراد به نفس الرؤية على سبيل المجاز ، لأن عادة العرب أن يسموا الشئ باسم طريقه وما قاربه وما داناه ، قيل لكم فكأنكم قد عدلتم عن مجاز إلى مجاز ، فلا قوة في هذا الوجه ، والوجوه التي ذكرناها في تقوية هذا الجواب المتقدمة أولى ، وليس لأحد أن يقول : لو كان موسى ( ع ) إنما سأل الرؤية لقومه لم يضف السؤال إلى نفسه فيقول أرني أنظر إليك ، ولا كان الجواب أيضا مختصا به في قوله : لن تراني ، وذلك أنه غير ممتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه ، مع أن المسألة كانت من أجل الغير إذا كان هناك دلالة تؤمن من اللبس ، فلهذا يقول أحدنا إذا شفع في حاجة غيره للمشفوع إليه : أسألك أن تفعل بي كذا وكذا وتجيبني إلى كذا وكذا ، ويحسن أن يقول المشفوع إليه : قد أجبتك وشفعتك وما جرى مجرى هذه الألفاظ . وإنما حسن هذا لأن للسائل في المسألة غرضا ، وإن رجعت إلى الغير لتحققه بها وتكلفه كتكلفه إذا اختصه . فإن قيل : كيف يسأل الرؤية لقومه مع علمه باستحالتها ، ولئن جاز ذلك ليجوز أن يسأل لقومه سائر ما يستحيل عليه من كونه جسما وما أشبهه متى شكوا فيه . قلنا : إنما صحت المسألة في الرؤية ولم تصح فيما سألت عنه ، لأن مع الشك في جواز الرؤية التي لا يقتضي كونه جسما يمكن معرفة السمع ، وإنه تعالى حكيم صادق في أخباره ، فيصح أن يعرفوا بالجواب الوارد من جهته تعالى استحالة ما شكوا في جوازه ، ومع الشك في كونه جسما لا يصح معرفة السمع فلا ينتفع بجوابه ولا يثمر علما . وقد قال بعض من تكلم في هذه الآية : قد كان جايز أن يسأل موسى ( ع ) لقومه ما يعلم استحالته وإن كان دلالة السمع لا تثبت قبل معرفته متى كان المعلوم أن في ذلك صلاحا للمكلفين في الدين ، وأن ورود الجواب يكون لطفا لهم في النظر في الأدلة وإصابة الحق منها ، غير أن من أجاب بذلك شرط أن يبين النبي ( ع ) أنه عالم باستحالة ما سأل فيه ، وأن غرضه في السؤال أن يرد الجواب فيكون لطفا .
113
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 113