نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 110
أراد قومن . ومما استشهد به ممن أجاب بهذا الجواب الذي ذكرناه آنفا في أن الكلام خبر ، وإن خرج مخرج الدعاء . وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله : " لن يلدغ المؤمن من جحر مرتين " . وهذا نهي ، وإن كان مخرجه مخرج الخبر . وتقدير الكلام : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين . لأنه لو كان خبرا لكان كذبا . وإذا جاز أن يراد بما لفظه لفظ الخبر النهي ، جاز أن يراد بما لفظه لفظ الدعاء الخبر . فيكون المراد بالكلام " فلن يؤمنوا " . وقد ذكر أبو علي الجبائي أن قوما من أهل اللغة قالوا أنه تعالى نصب قوله تعالى : ( فلا يؤمنوا ) وحذف منه النون . وهو يريد في المعنى " ولا يؤمنون " على سبيل الخبر عنهم ، لأن قوله تعالى ( فلا يؤمنوا ) وقع موقع جواب الأمر الذي هو قوله : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ) فلما وقع موقع جواب الأمر وفيه الفاء ، نصبه بإضمار أن ، لأن جواب الأمر بالفاء منصوب في اللغة . فنصب هذا لما أجراه مجرى الجواب ، وإن لم يكن في الحقيقة جوابا . ومثله قول القائل " أنظر إلى الشمس تغرب " ( بالجزم ) ، وتغرب ليس هو جواب الأمر على الحقيقة ، لأنها لا تغرب لنظر هذا الناظر ، ولكن لما وقع موقع الجواب أجراه مجراه في الجزم ، وإن لم يكن جوابا في الحقيقة . وقد ذكر أبو مسلم محمد بن بحر في هذه الآية وجها آخر ، وهو من أغرب ما ذكر فيها ، قال : إن الله تعالى إنما آتى فرعون وملأه الزينة والأموال في الدنيا على طريق العذاب لهم والانتقام منهم لما كانوا عليه من الكفر والضلال ، وعلمه من أحوالهم في المستقبل من أنهم لا يؤمنون . ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) [1] . فسأل موسى عليه