نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 109
الاستفهام ، وهو دليل العقل الدال على أن الله تعالى لا يضل العباد عن الدين . ودليل العقل أقوى مما يكون في الكلام دالا على حرف الاستفهام . وهذا ليس بشئ ، لأن دليل العقل وإن كان أقوى من كل دليل يصحب الكلام ، فإنه ليس يقتضي في الآية أن يكون حرف الاستفهام منها محذوفا لا محالة . لأن العقل إنما يقتضي تنزيه الله تعالى عن أن يكون مجربا بشئ من أفعاله إلى إضلال العباد عن الدين ، وقد يمكن صرف الآية إلى ما يطابق دليل العقل من تنزيهه تعالى عن القبيح ، من غير أن يذكر الاستفهام ويحذف حرفه . وإذا كان ذلك ممكنا لم يكن في العقل دليل على حذف حرف الاستفهام ، وإنما يكون فيه دليل على ذلك لو كان يتعذر تنزيهه تعالى عن إرادة الضلال ، إلا بتقدير الاستفهام . فأما قوله تعالى : ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) [1] فأجود ما قيل فيه أنه عطف على قوله ( ليضلوا ) وليس بجواب لقوله ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ) [2] وتقدير الكلام ( ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم . ) وهذا الجواب يطابق أن يكون اللام للعاقبة ، وأن يكون المعنى فيها لئلا يضلوا أيضا . وقال قوم إنه أراد ( فلن يؤمنوا ) فأبدل الألف من النون الخفيفة . كما قال الأعشى : وصل علي حين العشيات والضحى * ولا تحمد المثرين والله فاحمدا أراد فاحمدن ، فأبدل النون ألفا ، وكما قال عمر بن أبي ربيعة : وقمير بدا ابن خمس وعشرين * له قالت الفتاتان قوما