وكل عارف بالتاريخ الاسلامي يعرف أن أمير المؤمنين عليا ع لم تستقر به الحال بل لم يزل في عناء وتعب منذ فارقه أخوه النبي ص إلى أن لحق بربه جل جلاله ، ومن المحتم على الموفق أن يبدأ في أموره بالأهم فالأهم ، وقد استغرق أوقات أمير المؤمنين حربه الناكثين ، ثم القاسطين ، ثم المارقين ، ومعاناته رعيته الكثيرة الأود واللدد المختلفة الوجهة والرأي ، إلى أن اختصه الله بالشهادة أثناء ذلك ، ولم يصف له وقت ليصلح ويطهر ، ويرد الأمور إلى نصابها ، ولقد كان يقول : ( اقضوا كما كنتم تقضون ) الخ وذلك خوف الفتنة ، واعتبر بما صار من بعض كبار الصحابة لما ردهم إلى ما عرفته الكافة من سنة نبيهم في الأموال ، وكيف صنعوا ، فما بالك بغير ذلك ، ولهذا كان ع يئن ويشكو ويومئ تارة ، ويعرض أخرى ، ولم يزل كلما رتق فتقا انخرق آخر ، لأن المرض أزمن واستحكم قال شيخنا العلامة ابن شهاب الدين من قصيدة : نبي الورى بعد انتقالك كم جرى ببيتك بيت المجد والمنصب السمي إلى أن قال أحسن الله إليه :