قوله تعالى : فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين [ 61 ] تأويله وسبب نزوله : 19 - أن وفد ( نجران من النصارى ) قدم المدينة على رسول الله ، فقالوا ( له ) ( 1 ) هل رأيت ولدا بغير أب ؟ فلم يجبهم حتى نزل قوله تعالى * ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ) * الآية . فلما نزلت دعاهم إلى المباهلة ، فأجابوه فخرج النبي صلى الله عليه وآله آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة عليهم السلام وراءه . فلما رآهم الأسقف ، وكان رئيسهم ، سأل من هؤلاء الذين معه ؟ فقيل : هذا علي بن أبي طالب ابن عمه ، وزوج ابنته فاطمة هذه ، وهذان ولداهما . فقال الأسقف لأصحابه : إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة . ثم قال الأسقف للنبي صلى الله عليه وآله : يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك ، فصالحنا على ما ننهض به . فصالحهم على ألفي حله وثلاثين رمحا وثلاثين درعا وثلاثين فرسا ، وكتب لهم بذلك كتابا ، ورجعوا إلى بلادهم . وقال النبي صلى الله عليه وآله : والذي نفسي بيده لو لاعنوني ( 2 ) لمسخوا قردة وخنازير واضطرم الوادي عليهم نارا ، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم ( 3 ) . واعلم أن قوله عز وجل * ( أبناءنا ) * دل على أنهما الحسن والحسين عليهما السلام وأنهما إبناه على الحقيقة ، وإن كانا ابنا بنته * ( ونساءنا ) * إن المراد بها فاطمة عليها السلام خاصة لأنه لم يخرج بغيرها ، * ( وأنفسنا ) * إن المراد به عليا عليه السلام خاصة ، لان الانسان لا يجوز
1 ) ليس في نسخة ( ج ) . 2 ) في الأصل : يلاعنوني ، وما أثبتناه من المصدر والبحار . 3 ) أخرجه في البحار : 21 / 277 عن مجمع البيان : 2 / 451 مفصلا .