نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 208
ه - خطبة لعمرو في هذا الجامع وقبل أن نختم كلمتنا نأتي بإحدى خطب عمرو بن العاص في هذا الجامع . أخرج أبو المحاسن عن ابن عبد الحكم عن سعيد بن ميسرة المعافري قال : رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة ، وذلك آخر الشتاء بعد خميس النصارى بأيام يسيرة ، فأطلنا الركوع ، إذ أقبل الرجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت : يا أبت من هؤلاء ؟ قال : يا بني هؤلاء الشرط . فأقام المؤذنون الصلاة فقال عمرو بن العاص على المنبر ، فرأيت رجلا ربعة ، قصير القامة ، وافر الهامة ، أدعج أبلج عليه ثياب موشاة كان به العقبان تأتلق ، عليه حلة وعمامة وجبة ، فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، فسمعته يحض على الزكاة ، وصلة الأرحام ، ويأمر بالاقتصاد ، وينهى عن الفضول ، وكثرة العيال وإخفاض الحال فقال : يا معشر الناس إياكم وخلالا أربعا ، فإنها تدعوا إلى النصب بعد الراحة ، وإلى الضيق بعد السعة ، وإلى الذلة بعد العزة : إياكم وكثرة العيال ، وإخفاض الحال ، وتضييع المال ، والقيل بعد القال في غير درك ولا نوال ، ثم لا بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه ، والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها ، ومن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد ( 1 ) والنصيب الأقل ، ولا يضيع المرء فراغه نصيب العلم من نفسه ، فيجوز من الخير عاطلا ، وعن حلال الله وحرامه باطلا . يا معشر الناس : إنه قد تدلت الجوزاء ، وزلت الشعرى ، وأقلعت السماء ( 2 ) وارتفع
1 - الاعتدال . 2 - أقلعت السماء أي كفت ، وهو كناية عن انقطاع المطر .
208
نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 208