نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 184
كثيرا عقب فتوح البلاد . فيتجاوز الفاتحون عن بعض أمور في مصلحة البلاد المحكومة ، لكي يستقر بذلك ملكهم على أهون سبيل . يدلك على ذلك قول عمر لعمرو ( واعلم أن ما قبلك من أرض مصر ليس فيها خمس ، وإنما هي أرض صلح ، وما فيها للمسلمين فئ ) . أما كون أبي مسلمة بن عبد الرحمن قد تسخر رجلا من القبط يجدف له ، وأنه اعتبر القبط كالعبيد ، فإن هذه الحادثة الفردية لا تدل بأي حال على أن مصر فتحت عنوة . ولا يمكننا أن نسلم بذلك من أجل حادثة كهذه ، إذ قد يكون هذا القبطي قد تطوع للقيام بما طلب منه عن طيب خاطر ، وأن عمل هذا الرجل لا يصلح أن يكون حجة على أمة يأسرها ، ولا ناقضا لأقوال الآخرين الذين ذكروا أن أهل مصر إنما هم أهل صلح . أما قول يحيى بن خالد أن مصر فتح بعضها صلحا وبعضها عنوة ، وأن عمر جعلها كلها ذمة ، فهو القول الذي نميل إليه ، ونرغب في ترجيحه ، وهذا ما يمكن أن نستنبطه بعد بحث وتمحيص أقوال المؤرخين المتباينة . وما دام عمر رضي الله عنه قد أمر أن تعامل البلاد جميعها معاملة الصلح فيدفع أهلها الجزية والخراج ، لا أن تكون ملكا للفاتحين يتصرفون فيها كيف شاءوا ، فيستولون على أرضيها وأموالها ويسبون نساءها ، فإننا نرجح أن مصر فتحت عنوة ، ولكن عمر عاملها معاملة البلاد التي فتحت صلحا ليتألف بذلك قلوب المصريين .
184
نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 184