تكون لأجل التسهيل ، والتخفيف . . ثم رجح الاحتمال الثاني بالقسم . . الذي يؤكد على أن النهي الإلهي كان متوجهاً إلى شخص الشجرة . . ثم أيدت ذلك القرينة الكلامية ، وهي استخدام اسم الإشارة الذي يحتاج إلى الإشارة الحسية لشخص شجرة محددة ، حيث قال : * ( وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) * . . ثم ظهر أن للشجرة ارتباطاً بموجودات عالية ، وسامية المقام كما سيتضح . . نعم . . إذا اجتمعت كل هذه القرائن ، والأحوال ، فإن الإقدام على الأكل من سنخ الشجرة ، مراعاة للأدب مع الله ، بملاحظة ظاهر نهيه من جهة ، واحتياطاً لنفسه من أن يكون من المفرطين بدرجات القرب من الله من جهة أخرى ، لا يعني أن ثمة اعتقاداً لدى النبي آدم « عليه السلام » ، بأن الله غاش - والعياذ بالله - وإبليس ناصح . . . ثالثاً : إن البيان الذي ذكرناه ، والقرائن التي ألمحنا إليها ، تشير إلى أن النبي آدم قد فهم من خلال القرائن أن ما يفعله ليس فقط لا يعد مخالفة لأمر الله ، بل هو عين الثقة بالله ، والطاعة والانقياد له تعالى ، بل هو من أعظم مظاهر التضحية والفداء في سبيل رضاه ، وأصبح يرى نفسه ملزماً به ، منقاداً له . . رابعاً : إنه قد ظهر من البيان الذي قدمناه : أن النبي آدم لم يطع إبليس ، ولا صدقه ، بل هو قد سعى لفهم مراد الله تعالى . . وأقدم على الأكل من الشجرة عن قناعة تكونت لديه ، من خلال وسائل إثبات بيانية ، لا عن طاعة عمياء لإبليس . . وقد قلنا : إن القرائن المتقدمة ، ومنها الإشارة الحسية لشخص الشجرة