وقد قدمنا : أن ثمة رواية تقول : إن إبليس لعنه الله قد قال لآدم « عليه السلام » : إن الله سبحانه قد أحل له تلك الشجرة بعد تحريمها عليه ، وجعل له علامة على صحة قوله : إن الملائكة الموكلين بالشجرة لا يدفعونه عنها كما يدفعون غيره ، فأكلا منها ، ولم تدفعهما الملائكة عنها ؛ لأنهم كانوا موكلين بدفع من لا يملك اختياراً وعقلاً [1] . وقد قدمنا في بعض الهوامش السابقة أيضاً بعض ما يرتبط بهذه الرواية ، فلا نعيد . . اللحظة الفاصلة : وأكل آدم وزوجه « عليهما السلام » من الشجرة ، فوجدا أنفسهما في الموقع الصعب ، وبدت لهما سوءاتهما ، وهي مزاياهما البشرية ، التي كانت قد سترت عنهما ، وكان لها فيهما نوع كمون ، واختزان . وكان ظهور السوءات يتمثل بظهور أعراض البشرية على آدم « عليه السلام » ، حيث صار بحاجة إلى ما يحتاج إليه البشر ، من الغذاء ، والدواء ، والساتر ، وأصبح يخاف ، ويحزن ، ويعرق ، ويمتخط ، ويبول ، ويمرض ، ويتألم ، ويحتاج إلى ما يقي من الحر والبرد ، وما إلى ذلك . . ولن يجد في تلك الجنة ما يفيده في دفع ذلك كله ، فكان لا بد له من الهبوط منها إلى مكان آخر ، يوفر له ما يعيد هذه الخفايا إلى ما كانت عليه
[1] تفسير الإمام العسكري ص 222 و 223 وتفسير البرهان ج 1 ص 80 والبحار ج 11 ص 190 و 191 وراجع : تعليق المجلسي ص 193 ومستدرك الوسائل ج 2 ص 286 .