يكن قد رآه النبي آدم أصلاً . أو أن ذلك يشير إلى صحة ما قدمناه آنفاً من تخفي إبليس عن النبي آدم ، لكي لا يعرفه . . ثالثاً : إن القَسَم يخرج الأمر من عهدة المقسم ، ويجعله في عهدة غيره ، فإذا كان الله هو الذي سوف يكون المطالب ، وهو الذي يتولى الأمر ، ويكون الكفيل والضامن ، فإن النبي آدم يكون بريئاً من أي مسؤولية ، وبعيداً عن أي مؤاخذة . . لو لم يأكل آدم عليه السلام من الشجرة ! ! وبعد تلك الأقوال التي أكدها إبليس لعنه الله بهذا القسم ، وبعد مشاهدة النبي آدم آثاراً تدل على أن للشجرة خصوصية هامة جداً من حيث ارتباطها بموجودات عالية ، كما سنشير إليه . . وأيضاً ، بعد أن كانت الإشارة بكلمة « هَذِهِ » ترجح له : أن المنهي عنه هو خصوص الشجرة التي أشير إليها إشارة حسية دون سواها ، نعم ، بعد ذلك كله ، فإن النبي آدم « عليه السلام » يجد نفسه - بحكم مبادئه - ملزماً بالأكل من الشجرة ، وبتصديق ما قيل له . حتى لو كان القائل هو عدوه ، فإن الخصماء قد يكذب بعضهم بعضاً ، ثم يلجأون للقسم ويرضون به ، ويلتزمون هم ، ويلزمهم الآخرون بمقتضاه . . ولو أن آدم « عليه السلام » لم يأكل من الشجرة بعد هذا القسم فسيجد نفسه : إما مستهيناً بالله سبحانه ، وبقدرته على ضمان ما جعل في عهدته . وإما غير مبال بنيل ما يطمح إليه ، ويسعى للحصول عليه من مقامات القرب والزلفى عنده سبحانه . وكلاهما مرفوض جملة وتفصيلاً . .