« * ( وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) * . . وأشار لهما إلى شجرة الحنطة * ( فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ) * ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة ، ولا مما كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ولم يأكلا منها ، وإنما أكلا من غيرها ، لما أن وسوس الشيطان إليهما ، وقال : « ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ، وإنما ينهاكما أن تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها ، إلا أن تكونا ملكين ، أو تكونا من الخالدين » [1] . فهو « عليه السلام » يقول : إنه تعالى لم ينههما عن تلك الشجرة وعن غيرها مما كان من جنسها ، وإنما نهاهما عنها فقط ، وهما لم يقرباها هي ، بل أكلا من شجرة غيرها كانت من نفس نوعها . وهذا معناه : أن النبي آدم « عليه السلام » قد افترض أن النهي إنما هو عن شخص تلك الشجرة ، لا عنها وعن كل ما يجانسها . فإذا كان « عليه السلام » يخاف من الإقدام على الشجرة التي حددتها الإشارة الحسية له في خطاب النهي ، لاحتمال أن يكون لها خصوصية من نوع ما ، فبإمكانه أن يأكل من شجرة أخرى من نفس نوعها ، ليحقق بذلك الغرض السامي الذي يسعى إليه ، وليتحاشى تلك الخصوصية التي أوجبت المنع من تلك التي أشير إليها إشارة حسية . الإبهام والدقة في تحديد العدو : ومن جهة : نجد أن الله تعالى قد أمعن في تحديد عدو النبي آدم إلى حد أنه جعله ظاهراً محسوساً ، يشار إليه بالإشارة الحسية ، التي هي أرقى وأوضح
[1] البرهان في تفسير القرآن ج 3 ص 46 وج 1 ص 83 و 81 ، والبحار ج 1 ص 164 عيون أخبار الرضا . ج 1 ص 196 .