وهو ادعاء باطل ، ويخالف البديهة ، لأن الإشارة الحسية تفيد حضور المشار إليه ، والاطلاع على ظاهر أمره ، ولا تفيد شيئاً في التعريف بباطنه وحالاته ، وخصائصه غير الظاهرة ، إذا لم يكن من البسائط التي تنال حقائقها بنفس التوجه إليها وإدراكها . . لماذا الإبهام . . ولماذا الدقة ؟ ! وبعدما تقدم نقول : إن التحديد للشجرة بهذه الطريقة يجعل آدم « عليه السلام » أمام احتمالين : الأول : أن يكون المنهي عنه هو شخص هذا المشار إليه خارجاً ، بحيث يكون النهي عن هذه الشجرة إنما هو لخصوصية فيها ، لا توجد في غيرها حتى لو كانت متفقة معها بالجنس والحقيقة ، بأن كانتا معاً من شجر الرمان ، أو الحنطة مثلاً . ففي هذه الحال ، لو أكل من غيرها ، ولو كان من جنسها ، فإنه لا يكون مخالفاً للنهي . الثاني : أن لا يكون لها أية خصوصية ، بل هو يشير إليها بما أنها فرد من جنس بحيث تكون جميع الأشجار التي من فصيلتها منهياً عنها أيضاً ، وإنما أشير إليها بخصوصها لمزيد من التأكيد والتحديد لها . . فلا يجوز له - والحال هذه - الأكل من الشجرة المشار إليها ، ولا من غيرها إذا كان من فصيلتها . فإذا كان آدم « عليه السلام » أمام هذين الاحتمالين ، فإن عليه أن يسعى لترجيح أحدهما . . وقد ورد في الروايات : أن إبليس لعنه الله قد حاول أن يقنعه بأن المنهي عنه هو خصوص هذه الشجرة التي أشير إليها . . أما سائر ما هو من فصيلتها ، فلا يشمله النهي . . فقد روي عن الإمام الرضا « عليه السلام » ، أنه قال للمأمون :