الظمأ ، ويقي من حر الشمس في الضحى . . سادساً : قوله : إن مواراة السوأة ما كانت ممكنة في الحياة الدنيا استدامة ، وإنما تمشت دفعة ما ، ثم أعقب ذلك سكناه الجنة . . لا مجال لتأكيده ، فإنه إذا أمكن ستر السوأة مقداراً ما فإنه يمكن سترها مقداراً أطول . . خصوصاً إذا لم يأكلا من الشجرة . . فإن إظهارها مشروط بذلك ، فإذا أمكن أن يعيش في الحياة الدنيا من دون أن يأكل من الشجرة التي تظهر كوامن وجوده ، فإنه سيبقى مستوراً . ناداهما . . تلكما : ويلاحظ أيضاً : أنه سبحانه حين حدث لآدم « عليه السلام » ما حدث لم يقل : « قال لهما ربهما » ، بل قال : * ( نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا ) * . ولعل ذلك يشير إلى أن ثمة حالة من البعد قد حصلت لآدم « عليه السلام » ، لأن النداء إنما يكون من بعيد ، والخطاب يكون للقريب . ولعل سبب ذلك هو أن نفس الأكل من الشجرة قد جعله في موقع آخر ، ليس هو الموقع الذي يفترض أن يكون فيه ، ولأجل ذلك فقد أصبح بعيداً عن الشجرة أيضاً ، وتبدل الخطاب منه تعالى من : * ( لاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) * . . وكلمة * ( هَذِهِ ) * . . تستعمل للقريب ، إلى قوله : * ( أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَة ) * . . و * ( تِلْكُمَا ) * . . تستعمل للبعيد ، منسوباً إليه وإلى زوجه . . فهذا البعد قد كان هو الأثر الطبيعي التكويني لذلك الأكل . وقد حصل ذلك قبل أن تصدر عن الله سبحانه أية إشارة تحكي حالة الرضا على النبي آدم ، أو حالة الغضب ، أو تشير إلى الأسف لما أصابه ، أو تلومه على ما صدر منه . فلما حصل الاصطفاء ، والاجتباء ، عاد النبي آدم ليحتل أقرب مواقع