ولا لعملية تغيير تقتصر على هذا الجزء من العالم أو ذاك ، لأن رسالته التي ادخر لها من قبل الله - سبحانه وتعالى - هي تغيير العالم تغييرا شاملا ، وإخراج البشرية كل البشرية من ظلمات الجور إلى نور العدل [1] ، وعملية التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرد وصول الرسالة والقائد الصالح وإلا لتمت شروطها في عصر النبوة بالذات ، وإنما تتطلب مناخا عالميا مناسبا ، وجوا عاما مساعدا ، يحقق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية . فمن الناحية البشرية يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملا أساسيا في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبل رسالة العدل الجديدة ، وهذا الشعور بالنفاد يتكون ويترسخ من خلال التجارب الحضارية المتنوعة التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلا بسلبيات ما بنى ، مدركا حاجته إلى العون ، متلفتا بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول . ومن الناحية المادية يمكن أن تكون شروط الحياة المادية الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة في عصر كعصر الغيبة الصغرى على إنجاز الرسالة على صعيد العالم كله ، وذلك بما تحققه من تقريب المسافات ، والقدرة الكبيرة على التفاعل بين شعوب الأرض ، وتوفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها جهاز مركزي لممارسة توعية لشعوب العالم وتثقيفها على أساس الرسالة الجديدة . وأما ما أشير إليه في السؤال من تنامي القوى والأداة العسكرية التي يواجهها القائد في اليوم الموعود كلما أجل ظهوره ، فهذا صحيح ، ولكن ماذا ينفع نمو الشكل
[1] كما هو نص الحديث النبوي الشريف : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني أو من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " . راجع : التاج الجامع للأصول / منصور علي ناصف 5 : 360 الهامش ، قال : رواه أبو داود والترمذي .