وأما أبو داود فلم يرو حديثاً صريحاً في الثقلين ، ولكنه عقد في سننه : 2 / 309 كتاباً باسم ( كتاب المهدي ) ، روى فيه حديث الأئمة الاثني عشر وبشارة النبي صلى الله عليه وآله بالإمام المهدي وأنه من ذرية علي وفاطمة عليهما السلام ، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : ( لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً ) . انتهى . * * والذي يؤكد ما ذهبنا اليه من أن الوصية بالعترة حذفت من خطب حجة الوداع : أن الكلام النبوي الذي هو جوامع الكلم ، له خصائص عديدة يتفرد بها . . ومن خصائصه أنه يستعمل تراكيب معينة لمعان معينة ، لا يستعملها لغيرها ، فهو بذلك يشبه القرآن . وتركيب ( ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ) خاص لوصيته للأمة بالقرآن والعترة ، لم يستعمله صلى الله عليه وآله في غيرهما أبداً . . كما أن تعبير ( إني تارك فيكم الثقلين ) . . لم يستعمله في غيرهما أبداً . ولذلك عندما قال لهم في مرض وفاته : إيتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً . . فهمت قريش أنه يريد أن يلزم المسلمين بإطاعة الأئمة من عترته بشكل مكتوب ، فرفضت ذلك بصراحة ووقاحة ! وقد روى البخاري هذه الحادثة في ستة أماكن من صحيحه ! ! وروت مصادرهم أن عمر افتخر في خلافته ، بأنه بمساعدة قريش حال دون كتابة ذلك الكتاب ! ! وعليه فإن ورود هذا التركيب في أكثر رواياتهم لخطب حجة الوداع للقرآن وحده دون العترة ، يخالف الأسلوب النبوي ، وتعبيره المبتكر في الوصية بهما معاً . . خاصة وأن الترمذي وغيره رووهما معاً !