ومن القواعد الهامة التي نفهمها من هذا التوجيه النبوي : أن الشيطان عندما ييأس من السيطرة على أمة في قضاياها الكبيرة ، يتجه إلى التخريب والإضلال عن طريق المحقرات ! ( ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبداً ، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم ، فيرضى بها ) . سنن ابن ماجة : 2 / 1015 فقد كان الإسلام الذي أنزله الله تعالى ، وبناه رسوله صلى الله عليه وآله صرحاً كبيراً وقلعةً محكمة ، يئس الشيطان من قدرته على هدمها ، فعمد إلى إقناع شخص من أهله بسحب حجر واحدٍ صغير من ركن الجدار ، ثم حجر آخر . . وآخر . . حتى يفرغ تحت الأساس فينهار الصرح على من فيه ! شبيهاً بالجرذ الذي سحب الحجر الأول من جدار سد مارب ! ومن الأمور الملفتة التي وردت في التوجيه النبوي في رواية علي بن إبراهيم أن إطاعة الشيطان في محقرات الذنوب عبادة له ، فالذين يبدؤون بالانحراف في مجتمع ، إنما يعبدون الشيطان ولا يعبدون الله تعالى ، وهم بدعوتهم إلى انحرافهم يدعون الأمة العابدة لله تعالى إلى عبادة الشيطان . . ( ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد ! ) . كما أن شهادة النبي صلى الله عليه وآله بأن الشيطان راض بما تحتقرون من أعمالكم ، شهادةٌ خطيرة يخبر بها عن ارتياح الشيطان من نجاحه في مشروعه في إضلال الأمة ، وهدم صرحها عن طريق المحقرات . . وهو ينفع في تفسير قوله تعالى : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ) . سبأ - 20 . أما أهل البيت عليهم السلام فقد اعتبروا أن طمع الأمة بالسلطة بعد النبي صلى الله عليه وآله وصراعها عليها ، كان أعظم المحقرات التي ارتكبتها بعد