ومن الملاحظ في هذه المبدأ وجود فريضة إطاعة ولي الأمر على لسان النبي صلى الله عليه وآله ! وإذا أوجب الله تعالى إطاعة أحد بدون شروط ، فمعناه أنه معصومٌ لا يظلم ولا يأمر ولا ينهى إلا بالحق . . وبما أن النص النبوي لم يذكر شروطاً لإطاعة أولي الأمر ، فيكون مقصوده الاثني عشر إماماً المعينين من الله تعالى ، الذين بشر الأمة بهم . * * وأما المبدأ الثامن ( شهادة النبي صلى الله عليه وآله على الأمة في الآخرة ، وموافاتها له على الحوض ) . فقد ورد في مصادر متعددة كما مر ، وفي بعضها ( ألا وإني فرطكم على الحوض وأكاثر بكم الأمم ، فلا تسودوا وجهي ) ، وفي بعضها ( وإني مكاثر بكم الأمم ، فلا تقتتلن بعدي ) . وهو أسلوب نبوي فريد في التأكيد على الأمة في وداعها ، بأنها ستوافي نبيها بين يدي ربها ، ويكون كل فردٍ منها بحاجة ماسةٍ إلى أن يسقى من حوض الكوثر ، شربةً لا يظمأ الإنسان بعدها أبداً ، ويصلح بها بدنه لدخول الجنة . وهذا التوجيه منه صلى الله عليه وآله يشبه قول أب لأولاده : اعملوا بوصيتي فإني مسافر عنكم ، وسوف تأتون إلي ، وتكونون في حالة فقر شديدة ، وعندي أموالٌ كثيرة ، وسأعرف من عمل بوصيتي منكم ، ومن خالفني ! * * وأما المبدأ التاسع ( التحذير من محقرات الأعمال التي توجب الانحراف ) ، ففيه إلفات إلى قاعدة مهمة في السلوك الفردي والاجتماعي ، وهي أن الانحراف يبدأ بأمر صغير ، أو أمور تبدو بسيطة ، يحتقرها الإنسان ولا يراها