فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله طويلاً ، ثم رفع رأسه فقال : أما أنا والله ما فعلت بهم هذا ، بل الله فعل بهم هذا ، فما ذنبي ؟ ! . . . فوعظه النبي صلى الله عليه وآله وقال له : إن ربك كريم ، فإن أنت صبرت وتصابرت ، لم يخلك من مواهبه ، فارض وسلم ، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره ، ويخفف عمن يشاء ، وله الخلق والأمر ، مواهبه عظيمة ، وإحسانه واسع . فأبى الحارث ) . انتهى . وقد نص ابن هشام : 2 / 488 ، على أن النضير هذا يسمى الحارث أيضاً باسم أبيه ، وسماه اليعقوبي في تاريخه : 2 / 63 ( الحارث بن الحارث بن كلدة ) ، وهو أمر يوجب الشك ، لأنه يستغرب أن يكون لشخص اسمان معاً ، خاصةً إذا كان أحدهما باسم أبيه ، لأن العوائل المالكة في القبائل تحترم اسم الأب ولا تغيره إلى اسمٍ آخر ، ولا تضيف معه اسماً آخر ، لأنه يضعف مكانته ! وهذا يفتح باب الاحتمال أن يكون الحارث أخاهم الثالث ، وأن يكون هو الذي ورد اسمه في بعض الروايات أنه اعترض على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي والحسنين من بعده عليهم السلام ، فرماه الله بصاعقة أو حجر من سجيل ! وبذلك يكون العذاب الواقع نزل بثلاثة أشخاص من هذه الأسرة : الأب في بدر ، وولده جابر الذي نص عليه أبو عبيد ، والحارث هذا . . ويكون اسم عشيرة العذاب الواقع ، مثلث الانطباق على هذه القبيلة ! ! كما يحتمل أن يكون صاحبنا النضير بن الحارث ، أو الحارث بن الحارث العبدري ، هو الحارث المعترض ، لكن لم تنزل عليه العقوبة ، لأنهم ذكروا وفاته في الشام ، وليس بالعذاب الواقع .