سادساً : أن قول عمر يناقض ما رووه عنه نفسه بسند صحيح أيضاً . . فقد فهم هذا اليهودي من الآية أن الله تعالى قد أكمل تنزيل الإسلام وختمه في يوم نزول الآية ، وقبل عمر منه هذا التفسير . . فلا بد أن يكون نزولها بعد نزول جميع الفرائض ، فيصح على رأيه ما قاله أهل البيت عليهم السلام وما قاله السدي وابن عباس وغيرهما من أنه لم تنزل بعدها فريضةٌ ولا حكم . مع أن عمر قال إن آية إكمال الدين نزلت قبل آيات الكلالة ، وأحكام الإرث ، وغيرها ، كما تقدم في بحث آخر ما نزل من القرآن ! فوجب على مذهبه أن يقول لليهودي : ليس معنى الآية كما ظننت ، بل كان بقي من الدين عدة أحكامٍ وشرائع نزلت بعدها ، وذلك اليوم هو الجدير بأن يكون عيداً ، وليس يوم نزول الآية ! وعندما تتناقض الروايات عن شخص واحد ، فلا بد من التوقف فيها جميعاً ، وتجميد كل روايات عمر في آخر ما نزل من القرآن ، وفي وقت نزول آية إكمال الدين ، لأنه اضطرب في المسألة أو اضطربت روايتها عنه ! ومن جهة أخرى ، فقد أقر عمر أن ( اليوم ) في الآية هو اليوم المعين الذي نزلت فيه ، وليس وقتاً مجملاً ولا يوماً مضى قبل سنين كفتح مكة ، أو يوم يأتي بعد شهور مثلاً . وهذا يستوجب رد قول الطبري الذي تعمد اختياره ليوافق عمر ، ويستوجب رد كل الروايات التي تريد تعويم كلمة ( اليوم ) في الآية ، أو تريد جعله يوم فتح مكة ، لتبرير رأي عمر . قال القرطبي في تفسيره : 1 / 143 : وقد يطلق اليوم على الساعة منه قال الله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم ، وجمع يوم أيام ، وأصله أيوام فأدغم .