والظاهر أن مادة ( كمل ) تستعمل للمركب الذي لا يحصل الغرض منه إلا بكل أجزائه ، فهو يكمل بها جميعاً ، وإن نقص شئ منها يكون وجوده ناقصاً أو مثلوماً ! ولذا قال علي عليه السلام سيد الفصحاء بعد النبي صلى الله عليه وآله في عهده لمالك الأشتر ، كما في نهج البلاغة : 3 / 103 : ( فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك ، ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك ، كاملا غير مثلوم ولا منقوص بالغاً من بدنك ما بلغ ) . انتهى . فالإكمال منصب على نفس الشئ ، لرفع نقص أجزائه أو ثلمه . . أما الإتمام فهو أعم منه لأنه قد ينصب على نفس الشئ أو هدفه وغرضه . . فقوله تعالى ( أكملت لكم دينكم ) معناه إكماله بتنزيل جزئه المكمل لمركبه ، وبدونه يبقى الاسلام ناقصاً مثلوماً ، بمثابة غير الموجود . وهو تعبير آخر عن قوله تعالى ( فإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) لأن الاسلام للمركب من الدين وآلية تطبيقه التي هي الإمامة ، وعدم تبليغ الجزء المكمل للمركب يساوي عدم تبليغ شئ منه ! أما قوله تعالى ( وأتممت عليكم نعمتي ) فهو يعني النعمة بتنزيل الاسلام وشروط تحقيق أغراضه وأهدافه في الأرض ، فهو تعالى بإكمال مركب الدين بالإمامة أتم النعمة على المسلمين ، وبها ضمن تحقيق هدف الدين في الأرض ، إن هم أطاعوا الامام الذي نصبه لهم . وبذلك يتضح أن الإمامة جزء لا يتجزأ من الاسلام ، فلا وجود حقيقيا له بدونها ، لأن وجوده الشكلي بمثابة العدم . . كما أن تبليغ النبي للإمامة تتميم للنعمة الإلهية على هذه الأمة ، فالنعمة موجودة بدون تبليغها ، لكنها لا تكون تامة إلا بها !