الأرض ، إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد ، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً ويميناً مما غلب عليه المسلمون ، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة . ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك . فعلى هذا يكون المراد بقوله : ثم يكون الهرج ، يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعاً فاشياً يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام ، وكذا كان . والله المستعان . والوجه الذي ذكره بن المنادي ليس بواضح ، ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي ، عن أبيه ، عن جده رفعه : سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء أمراء ، ومن بعد الأمراء ملوك ، ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه . فهذا يرد على ما نقله بن المنادي من كتاب دانيال . وأما ما ذكره عن أبي صالح فواهٍ جداً ، وكذا عن كعب . . . فالأولى أن يحمل قوله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، على حقيقة البعدية ، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفساً ، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ، ولم تطل مدتهما ، وهما معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم ، والباقون اثنا عشر نفساً على الولاء ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة ، وتغيرت الأحوال بعده ، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون .