أي نوع من أنواع الإكراه والإجبار ولولا ذلك لبطل الثواب والعقاب ، ولزمت محاذير أخرى ، ونوضح ذلك في ما يلي : إن الله تعالى هو الذي يفيض الوجود على الناس ، وعلى أفعالهم ولكن العباد هم الذين يختارون أفعالهم ويبادرون إليها . والله لا يبخل بإفاضة الوجود عليهم وعليها . فآية التطهير تفيد : أنه تعالى قد علم أن الأئمة لا يختارون إلا ما شرعه الله ويرضاه . وذلك بسبب ما زودهم الله تعالى به من استعدادات ذاتية ، وملكات نفسانية ، وتوفيقات إلهية ، وإمدادات غيبية . وبسبب أن عقولهم راجحة وفطرتهم معتدلة ، وميزاتهم متوازنة وبسبب معرفتهم بما هو حق وباطل ، وبما هو حسن وقبيح ، بجلال الله وعظمته ، وقدرته وسائر صفاته جل وعلا ، نعم بسبب ذلك كله يسعون إلى نيل الكمالات ، وإلى الحصول على أسمى الدرجات ، والله لا يبخل عليهم لتنزه ساحته عن البخل ، فيفيض عليهم من نعمه ويغمرهم بفيض كرمه على قاعدة : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) [1] . * ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ
[1] سورة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، الآية / 17 .