وقد كان الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يعين المواضع التي ينبغي أن توضع فيها الآيات النازلة ، فيقول : ضعوا هذه الآية في سورة كذا ، وضعوا تلك في سورة كذا . فقد يكون الرسول وضع آية : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ . . ) . في هذا الموضع من آيات الخطاب لنساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، من أجل صيانة القرآن عن أن تناله يد الخيانة ، بالتصرف والتحريف . إذ لو لم يفعل الرسول ذلك لوجد الآخرون أنفسهم أمام إحراجات كبيرة فيما يختص بأمر الإمامة ، وموقعها ، وخصائصها ، من الطهارة والعصمة ، حينما يواجهون النص القرآني الصريح في هذا المجال . وعلى هذا فالسياق لا يكافئ الأدلة الصحيحة والصريحة عند تعارضهما ، لعدم الوثوق حينئذٍ بنزول الآية في ذلك السياق . بل لا بد من ترك فحوى السياق - لو سلم ظهورها فيما زعموا - والاستسلام لحكم تلك الأدلة القاطعة . وذلك لا ينافي البلاغة ، ولا يخل بالإعجاز [1] . أو قد يكون عثمان أو غيره قد جعل آية التطهير في هذا الموضع ، ظناً منه أن نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) هن المعنيات بها ، واجتهاداً في الترتيب . ومن المعلوم : أنه قد وقع اختلاف كثير في ترتيب المصاحف ،
[1] راجع : الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء ( مطبوع مع الفصول المهمة ) ص 213 / 214 وراجع : الصراط المستقيم ج 1 ص 185 . والميزان ( تفسير ) ج 16 ص 312 . وراجع : الأصول العامة للفقه المقارن ص 158 .