ابن الجوزي فأجاد وأصاب . ولنذكر الآن حديث ابن الجوزي عن معاصره ، وهو أخبر الناس به حيث عاشا سويّة في بغداد وكانا يتلاقيان كل يوم في مجالس الدرس وحلقات الحديث ، فقد اشتركا في كثير من الشيوخ ، نراه يصف لنا عبد المغيث بقوله : ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلّة المعرفة للحديث ، إنّما يقرؤه ولا يعلم صحيحه من سقيمه ، ولا يفهم معناه ، فمذهبه في ذلك مذهب العوامّ أنّ كل حديث يروى ويسند ينبغي أن يكون صحيحاً . وهو مع قلّة علمه وعدم فهمه معه عصبيّة يسمّيها سُنّة ، ومن البليّة عذل من لا يرعوي عن غيّه وخطاب من لا يفهم ، والكلام مع مثل هذا صعب لقلّة فهمه وفقهه [1] . . . وقال عنه أيضاً : شيخ قد قرأ أحاديث مرويّة ولم يخرج من العصبية العامية . . . وصنّف جزءاً لينتصر فيه ليزيد ! [2] . وقال أيضاً : ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلّة العلم والفهم ، وإنّما يُحدّث من يَفهم [3] . وقال : وهذا الشيخ لا يعرف المنقولات ولا يفهم المعقولات ، لكنّه قرأ الحديث ولا يعرف صحيحه من سقيمه ، ولا مقطوعه من موصوله ، ولا تابعيّاً من صحابي ، ولا ناسخاً من منسوخ ، ولا كيفية الجمع بين الحديثين ، ومعه عصبية عاميّة ، فإذا رأى حديثاً يوافق هواه تمسّك به [4] .
[1] آفة أصحاب الحديث لابن الجوزي : 53 . [2] الردّ على المتعصّب : 7 . [3] الردّ على المتعصّب : 8 . [4] الردّ على المتعصّب : 8 - 9 .