نام کتاب : النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين نویسنده : السيد نعمة الله الجزائري جلد : 1 صفحه : 111
أقول وأحسن الكلام ما يحصل فيه حصة الخواص وحصة الأوساط وحصة العوام فإن الخواص يفهمون من الأفول الإمكان وكل ممكن محتاج والمحتاج لا يكون مقطعا للحاجة فلا بد من الانتهاء إلى ما يكون منزها عن الإمكان حتى تنقطع الحاجات بسبب وجوده كما قال * ( وأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ) * وأما الأوساط فإنهم يفهمون من الأفول مطلق الحركة فكل متحرك محدث وكل محدث محتاج إلى القديم القادر فلا يكون الأقل إلها بل الإله هو الذي احتاج إليه هذا الأقل وأما العوام فإنما يفهمون من الأفول الغروب وهم يشاهدون أن كل كوكب يقرب من الأفول فإنه يزول فورا ضوؤه ويذهب سلطانه ويصير كالمعدوم ومن كان كذلك فإنه لا يصلح للإلهية فهذه الكلمة الواحدة أعني قوله * ( لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ) * مشتملة على نصيب المقربين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال فكانت أكمل الدلائل وأفضل البراهين وفيه دقيقة أخرى وهي أنه ( ع ) كان يناظرهم وهم كانوا منجمين ومذهب أهل النجوم إذا كان في الربع الشرقي ويكون شاهدا إلى وسط السماء كان قويا عظيم التأثر وأما إذا كان غربيا وقريبا من الأفول فإنه يكون ضعيف الأثر قليل القوة فنبه بهذه الدقيقة على أن الإله هو الذي لا تتغير قدرته إلى العجز وكماله إلى النقص ومذهبكم أن الكوكب حال كونه في الربع الغربي يكون ضعيف القوة ناقص التأثير عاجزا عن التدبير وذلك يدل على القدح في إلهيته فظهر أن على قول المنجمين للأفول مزيد اختصاص في كونه موجبا للقدح في الإلهية انتهى . الأمر الخامس تأويل قوله ( ع ) * ( بَلْ فَعَلَه كَبِيرُهُمْ ) * وقد ذكروا له وجوها الأول ما ذكره علم الهدى نور الله ضريحه وهو أن الخبر مشروط غير مطلق لأنه قال * ( إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) * ومعلوم أن الأصنام لا تنطق فما علق على المستحيل فهو مستحيل فأراد إبراهيم توبيخهم بعبادة من لا ينطق ولا يقدر أن يخبر عن نفسه بشيء فإذا علم استحالة النطق علم استحالة الفعل وعلم باستحالة الأمرين أنه لا يجوز أن تكون آلهة معبودة وأن من عبدها ضال مضل ولا فرق بين قوله إنهم فعلوا ذلك * ( إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) * وبين قوله إنهم ما فعلوا ذلك ولا غيره لأنهم لا ينطقون ولا يقدرون . وأما قوله * ( فَسْئَلُوهُمْ ) * فإنما هو أمر بسؤالهم أيضا على شرط والنطق منهم شرط في الأمرين فكأنه قال * ( إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) * فاسألوهم فإنه لا يمتنع أن يكونوا فعلوه
111
نام کتاب : النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين نویسنده : السيد نعمة الله الجزائري جلد : 1 صفحه : 111